أزمة الغلاء ومحاولات فاشلة للاستغلال

بقلم:
عبدالله حسن
رئيس مجلس ادارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط

لا أحد ينكر ان هناك ازمة غلاء طاحنة تجتاح العالم شرقه وغربه خلال السنوات الثلاث الاخيرة ارتفعت فيها الاسعار بشكل كبير سواء في السلع الغذائية أو المواد الاستهلاكية أو الخدمات بصفة عامة.. الولايات المتحدة واوربا تعاني من هذه الازمة وارتفاع الاسعار.. كافة المنتجات والبضائع والمواد الغذائية ارتفع سعرها بنسب متفاوتة.. البترول وصل سعر البرميل حتي امس إلي 125 دولارا ومن المتوقع ان يواصل ارتفاعه خلال الاسابيع القليلة القادمة ليصل إلي مائتي دولار.. سعر لتر البنزين في اوروبا الان اصبح 1.5 يورو اي ما يعادل 13 جنيها. اسعار الغاز والطاقة تضاعفت ومرشحة للزيادة ايضا في الفترة القادمة.. الخبراء يرجعون هذه الزيادة في الاسعار لارتفاع اسعار المواد الخام والتصنيع والتكرير والايدي العاملة اضافة لزيادة الاستهلاك وتطور انماط الاستهلاك مع التطور التكنولوجي الهائل والسريع الذي يعيشه عالم اليوم.. طبعا قد يقول البعض انه لا وجه للمقارنة بيننا وبينهم فأوروبا وامريكا مستوي المعيشة فيها مرتفع والمرتبات عالية ولا وجه للمقارنة بين ما يتقاضاه العامل في مصر وفي غيرها من الدول المتقدمة التي تحدثت عن ارتفاع الاسعار بها.. ولكن لابد من الاشارة إلي ان هذه الدول المتقدمة تعاني من نسبة بطالة مرتفعة ايضا ومن تدني مستوي الدخول لنسبة كبيرة من سكانها.. فليس صحيا ان الجميع يعيشون في رفاهية مطلقة ويتمتعون بخيرات الدنيا وهم يعيشون في جنة الله علي الارض. وجدت ان هذه المقدمة ضرورية ونحن نتحدث عن ارتفاع الاسعار في مصر والزيادة التي وافق عليهامجلس الشعب الاسبوع الماضي لتوفير الموارد اللازمة لتمويل العلاوة غير المسبوقة التي اعلن عنها الرئيس حسني مبارك بمناسبة عيد العمال وزيادة المرتبات بنسبة 30 في المائة ابتداء من مرتب مايو الحالي.. كان قرار الرئيس مبارك يعكس بوضوح انحيازه الدائم والمستمر لمحدودي الدخل واستكمالا لجهوده وتوجيهاته للحكومة ببذل المزيد من الجهد للتخفيف عن ابناء مصر ومواجهة الهجمة الشرسة للغلاء وارتفاع الاسعار الذي يعاني منها العالم كله.. كان حرص الرئيس وهو يعيش نبض المواطنين وهمومهم ومشاكلهم بضرورة زيادة المرتبات وخاصة لمحدودي الدخل لمواجهة ازمة الاسعار من جهة وفي نفس الوقت طالب الرئيس الحكومة بضرورة توفير موارد حقيقية لتمويل هذه الزيادة وتوفير الاموال اللازمة لتغطيتها اولا بأول وضمان استمرار الدعم وزيادته خاصة للسلع الاساسية مثل الدقيق والزيت والسكر والارز باعتبارها قوام الغذاء الرئيسي للمواطنين الذين يمثلون الغالبية العظمي من ابناء مصر.. ازمة رغيف الخبز اوشكت علي الانتهاء بعد ان اعطي الرئيس تعليماته بتشديد الرقابة علي المخابز وضمان استهلاك كميات الدقيق التي تصرف للمخابز كاملة بدلا من تسريبها وبيعها في السوق السوداء.. واعطي الرئيس المحافظين المسئولية كاملة في انهاء هذه الازمة وبالفعل ظهرت مبادرات ناجحة لعدد من المحافظين في القليوبية والاسكندرية وقناوالقاهرة والعديد من المحافظات وبدأت الطوابير المهينة تختفي تدريجيا من امام المخابز ورأينا المواطنين يحصلون علي الخبز بكرامة وبدون زحام وقد رفعت الدولة قيمة الدعم المخصص لرغيف الخبز ليصل إلي عشرين مليار جنيه ولم يبق سوي ان نضمن توزيعه لمستحقيه بدلا من تسريب الدقيق لمحلات الحلوي والمطاعم باسعار مرتفعة..
ووصلت الارقام الفلكية التي تقدمها الدولة لدعم السلع الاساسية والحفاظ علي اسعارها في متناول محدودي الدخل إلي 60 مليار جنيه للمنتجات البترولية مثل البنزين والسولار والغاز الطبيعي و20 مليار جنيه للدقيق واكثر من عشرة مليارات جنيه لدعم السلع الغذائية وارتفعت قيمة الدعم إلي اكثر من مائة مليارجنيه ومع ذلك شهدنا ارتفاعا ملحوظا في اسعار السلع الغذائية واللحوم والدواجن والبيض والألبان خلال العامين الماضيين وقبل ان تعلن الحكومة حزمة الاجراءات التي بدأت تطبيقها لتوفير الموارد المالية الحقيقية اللازمة لتمويل العلاوة الجديدة وزيادة مرتبات جميع العاملين في الدولة وارباب المعاشات وبلغت اجمالي تكلفة هذه الزيادات 5 و12 مليار جنيه.. وبنظرة موضوعية لهذه الاجراءات نجد انه تم اعدادها بعناية فائقة وبعد دراسة مستفيضة لكافة موارد الدولة وتحميل اعباء النسبة الكبيرة من هذه الزيادة للقادرين بالدرجة الاولي وتمثلت في زيادة تراخيص السيارات الكبيرة والبنزين 95 المستخدم في هذه السيارات والضرائب العقارية علي القصور والشقق الفاخرة والمدارس والجامعات الخاصة ومصانع الاسمنت ذات الاستخدام الكثيف للغاز.
وكان نصيب البنزين 90 و92 مبلغ 45 قرشا والسولار 25 قرشا بينما ظل سعر البوتاجاز كما هو مع الحفاظ علي اسعار خدمات النقل العام للمترو والاتوبيسات وقطار السكك الحديدية كما هي باعتبارها الوسائل الاولي بالدعم والتي يستخدمها السواد الاعظم من المواطنين.. ونحن نعلم ان هناك ثقافة قديمة ومتوارثة لدينا علي مدي سنوات طويلة ان كل علاوة للعاملين يقابلها زيادة في الاسعار حتي قبل صرف العلاوة وهذه ثقافة مترسخة لدي الباعة واصحاب المحلات الخاصة بمختلف انواعها.. وهنا يأتي دور الرقابة المحلية والمحافظين في منع استغلال البائعين لهذه العلاوة وهذه الظروف أو الاستمرار في رفع الاسعار تلقائيا بمجرد سماعهم عن علاوة جديدة للعاملين.. فالاسعار ارتفعت قبل اعلان الحكومة لاجراءاتها الجديدة هذه حقيقةيعلمها الجميع ومع ذلك ظلت الاسعار في مصر اقل من مثيلاتها في العديد من الدول الاخري سواء كانت عربية أو اجنبية وقد يقول البعض ان المرتبات في مصر اقل بكثير من هذه الدول وهذه حقيقة تعكس توجه الدولة في زيادة الدعم الذي تقدمه للسلع الاساسية اضافة لتوسيع دائرة البطاقات التموينية لتشمل في يناير القادم حوالي 55 مليون مواطن مع زيادة كميات ونوعيات السلع التي تصرف علي هذه البطاقات.. تبقي لدي كلمة اخيرة إلي من يحاولون استغلال اي مناسبة أو فرصة للتعبير عن احقادهم الدفينة ضد مواطنيهم ومجتمعهم وحكومتهم ليدقوا الطبول ويتباكوا علي الحرية والديمقراطية وهم اول من يعلمون انه لولا هذه الديمقراطية والحرية التي تنعم بها مصر حاليا لما استطاعوا ان يكتبوا كلمة في صحفهم الصفراء أو ينطقوا حرفا في فضائياتهم.. نقول لهؤلاء: اتقوا الله يرحمكم الله.

يسلمووووووووووووووو نور الشام على الموضوع المهم