الصداقة على الانترنت وعلى الواقع
الصداقة كلمه جميله بمعانيها أجمل وقد تجمع الشباب سنوات لكن بدون لقاء مباشر ومن خلال تجربتي للصداقة الواقعية والصداقة الالكترونية وهي صداقه الانترنت أحببت أن اكتب واستعرض نقاط عديدة وقفت عندها حتى ابحث فيها وتحديدا الصداقة عبر الانترنت وماهي تأثيرها على الشباب وهل تكون مثل صداقه الواقع المباشر
الصداقة الإلكترونية مشاعر مختبئة خلف الشاشات
من خلال الشبكة العنكبوتية تنشأ علاقات صداقة بين بعض الأفراد، تبدأ من لحظة تعارف على “الماسنجر” أو المنتديات إلى لحظة إعجاب إلى تعبير عن احترام وتقدير، ثم إلى رغبة في اللقاء وجهاً لوجه.
وبالرغم من أن الصداقة عبر الانترنت تفتقر إلى المشاعر الصادقة التي تنشأ بين الأصدقاء وفيها مساحات كبيرة للكذب إلا أننا نلاحظ تزايداً ملحوظاً في إقامة مثل هذه النوعية من الصداقات والتي يحكمها الإعجاب والاندفاع والاستعجال، فهل نستطيع أن نحكم على الصداقة الالكترونية بأنها حقيقية؟
لقد استطلعت لأراء بعض الشباب والشابات واستخلصت تصورا عن الصداقة عبر الانترنت ببعض النقاط التالية
1- في كل يوم نقابل أصدقاء جدداً في كل مكان حتى في الانترنت، فقد تعرفت إلى أشخاص من خلال الانترنت وقفوا إلى جانبي وساعدوني كثيراً، وأحببتهم لدرجة كبيرة ربما تفوق حبي لأصدقاء الطفولة أو الدراسة، رغم أنني لم أرهم أصلاً، فأنا كونت صداقات على الصعيدين المحلي والعالمي، فلدي أصدقاء من دول أجنبية وعربية. ويرى أن لكل نوع من الصداقات سواء كانت على صعيد الواقع أو من خلال الشبكة العنكبوتية معياراً خاصاً به، وجميعها تندرج ضمن تصنيف الصداقة، ويعتقد أن المقياس الحقيقي للصداقة يعتمد على شخصية وأخلاق الصديق وليس من الضروري أن كل صديق وفي سواء كان صديق دراسة أم صديق الشبكة العنكبوتية، لأنه من الممكن أن يغدر بك أقرب الناس لك أو يظلمك أو حتى يتخلى عنك في وقت الحاجة، وربما يكون صديق الانترنت أقرب باعتباره شخصية مجهولة تستطيع الإفصاح لها.
ولا يرى فارس سبباً لهجوم البعض على مثل هذه الطريقة في التعارف والصداقة، مؤكداً أن السلبيات والايجابيات موجودة في كل الأمور.
من جهتها تؤكد شذى محمد طالبة جامعية أن الصداقة عن طريق الانترنت أصبحت أمراً مفروضاً علينا، فالإنسان بطبيعته يحب أن يتعرف إلى الأصدقاء سواء عن طريق الانترنت أم على أرض الواقع. وتقول: لدي صداقات كثيرة كونتها عن طريق الانترنت من بلدان العالم المختلفة، ولم أقابلهم أبداً ولكني أشعر بالقلق لمجرد غيابهم يوماً، وأعتقد أن ذلك يعتمد على مدة الصداقة، فإذا استمرت لأكثر من سنوات فهي بلا شك حقيقية وأفضلها على الصداقات الأخرى، ولكن إن كانت لشهور قليلة فلا أعتبرها صداقة بل زمالة، فتوجد كثير من الصداقات نجحت وتطورت وفي المقابل كثير من هذه الصداقات انتهى بالفشل لأن أصحابها لم يكونوا جادين في مشاعرهم وافتقروا للمصداقية التي تشكل العنصر الأهم في أي علاقة.
وترى مريم علي طالبة أن أصدقاء الشبكة العنكبوتية ربما يكونون في بعض الأحيان أفضل من أصدقاء الواقع، فعن تجربة مرت بها تقول: توجد لدي صديقة تعرفت إليها عن طريق الانترنت وأعتبرها مثل أختي، فأنا أرتاح لها كثيراً وأستطيع أن أشكو لها همومي من دون أي حرج ودائماً أجدها عندما أحتاج لها، فكثيراً ما حصلت لي مشاكل لم أجد لها حلاً إلا من أصدقاء الانترنت، والمشكلة الحقيقية تكمن في نظرة وتفكير الناس عن هذه النوعية من الصداقات.
عيسى راشد الغاوي يرى أن الصديق الحقيقي الذي يقف مع صديقه في السراء والضراء، ويؤمن بصداقة الانترنت ولكن لا بد أن تصاحبها بعض الحيطة والحذر قبل مصاحبة أي شخص، ويرى أن العامل الأهم لنشوء مثل هذه الصداقات أوقات الفراغ ولجوء الشباب إلى المنتديات وغرف المحادثة والألعاب على الانترنت، مضيفاً أن العلاقة الالكترونية قائمة على الكذب والاختباء خلف الشاشة ولكن من السهل كشف حقيقة الموجودين على الطرف، فيستطيع الشخص أن يحدد شخصية الطرف الآخر من خلال الحوار والنقاش. ويقول: لا أثق بصديق الانترنت قبل أن أتعرف إليه جيداً، فتنتابني بعض المخاوف في بداية تعرفي إليه، فأخشى أن يكون مخترقاً الكترونياً أو أن يريد مصاحبتي من أجل مصلحة شخصية، ومررت بتجربة من هذا النوع، حيث تعرفت إلى شخص من خارج الدولة وكنت أعتبره صديقاً لكن اتضح لي أنه يأخذ بيانات جهازي.
يرى محمد فلاح موظف أن صداقة الانترنت لا تختلف عن صداقة الواقع، وأن هذه النوعية من الصداقات لا بد أن تتسم بحدود الاحترام وتفهم رأي الآخر، وحول أسباب نشوء هذه النوعية من الصداقات يقول: ربما بسبب وجود تقارب في وجهات النظر وفي الآراء والميول، فينشأ بيننا تعارف بسيط وربما يتلاشى بعد فترة وربما يتطور هذا التعارف شيئاً فشيئاً فيصبح مشروع صداقة، ولكن المخاوف كثيرة، لأنه من الصعب معرفة نوايا الطرف الآخر فالحذر لا بد منه، والمشاعر الحقيقية لا يمكن أن تعرف إلا بالاتصال المباشر.
ويقول معين موسى (موظف): أنا مع صداقة الانترنت، ولكن أفضل أصدقاء الواقع لأنني أستطيع أن أجدهم متى ما احتجت إليهم، وفيها مصداقية أكثر حيث أستطيع أن أحكم عليه من صوته وملامح وجهه وتصرفاته، أما أصدقاء الانترنت لا أستطيع أن أصل إليهم سوى عن طريق الأحرف المكتوبة وعلى شاشات الكمبيوتر، فتبقى الصداقة محدودة ومن السهولة أن يتصنع الطرف الآخر بشخصية مغايرة لشخصيته الحقيقية. ويضيف أنه قد تعجبه أحياناً كتابة شخص معين وتتضح لديه صورة بسيطة عن شخصيته من خلال كتاباته وأسلوبه، فيرغب في مصادقته والتعرف إليه من قرب ومقابلته، لأن الشاشات لا تنقل المشاعر والأحاسيس والحالة النفسية مع الكلام.
لمى راشد طالبة جامعية ترى العكس، وتقول: يبقى من نتحدث إليه عن طريق الانترنت شخصاً مجهولاً وإن عرفنا عنه معلومات كثيرة، ومن الصعب أن تترجم الصداقات الالكترونية لواقع ملموس، فصحيح أن لدي من أتواصل معهن عن طريق الانترنت ولكن لا يصلن إلى درجة من أسميهن صديقات بمعنى الكلمة، لأن صديق الانترنت مهما طالت مدة التعرف إليه أو قصرت هناك العديد من الحواجز بيننا، أولها عدم الثقة الكلية بين الطرفين، ومن الصعب تحقيق مفهوم الصداقة الحقيقية الذي يتطلب علاقة واقعية وملموسة. وترى أنه من الخطأ البوح بالمعلومات الشخصية وإرسال الصور ومقابلة الطرف الآخر، لأن الثقة داخل هذه العلاقات لا يمكن منحها بشكل عشوائي، لأنها تعتمد على طبيعة الشخص نفسه وطبيعة الشخص الآخر، ونوع العلاقة القائمة بينهما وهدفها من هذا التواصل.
وتعليقاً على آراء الشباب يقول الدكتور يوسف حسن أبو ليلى أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة الشارقة: تعد الصداقة من القيم الإنسانية الجميلة إذا وجهت بطاقاتها العظيمة نحو الأخلاق الفاضلة التي بها تسمو الحياة وترتقي، ومن دونها تضعف وتنحدر، إذ أن الأصل في الإنسان كونه اجتماعياً بطبعه وفطرته، ينشد الدفء والمحبة والراحة والأنس عبر هذا التواصل واللقاء. وقد لا تختلف الصداقة في جوهرها من حيث مصدرها سواء كانت عن طريق الانترنت أم الواقع، ما دامت تتضمن في جوهرها كل مكوناتها كالحب والوفاء والتضحية لأن مفهومها يتضمن معاني ومواقف قيمة يكتسبها الفرد من خلال الوسط الاجتماعي ومن خلال التنشئة الاجتماعية ومن خلال التجارب الذاتية كالوفاء والإخلاص والحب والتفاني والتضحية وإيثار الآخر. وفي ظل التحولات المجتمعية وما رافقها من تغير في المفاهيم أضحت الصداقة الحقيقية محفوفة بكثير من الصعوبات في تكوينها بعد أن أصبح إيثار ألذات والمصلحة الشخصية من القيم الفردية التي يسعى الفرد المعاصر لتحقيقها.
ويواصل حديثه: عملية التواصل عبر الانترنت تتضمن العديد من الايجابيات والسلبيات، فقد تكون هذه العلاقة صادقة أو كاذبة، فعملية الاتصال عبر الانترنت يكتنفها العديد من الغموض وعدم الأمان لأن المتصلين لا يعرفون حقيقة بعضهم، وقد تؤدي إلى حدوث مشاكل لأن ما يحدث عن طريق الاتصال أو ما يسمى “شاتنج” قد يكون حقيقياً وينتاب المرء الغموض حول كينونة وطبيعة الشخص المرسل أو المرسل إليه، فالرسالة قد تكون محفوفة بالمخاطر والمغالطات، فقناة الاتصال غير مرئية في معظم الأحيان. وقد تكون عملية الاتصال والتعارف عبر الانترنت غير آمنة لأنها قد لا تعطي حقيقة كاملة عن صفات الشخص المتصل معه، وقد تكون هذه الطريقة من الوسائط السريعة للتعارف أو للابتزاز.
ويشير إلى أنه قد تتعدد الدوافع والأسباب لنشوء صداقة الانترنت ومنها الخجل الاجتماعي وعدم قدرة الشخص على المواجهة والمحادثة وجهاً لوجه وبإمكانه التعبير من خلال المحادثة عبر الانترنت والكتابة أكثر عن مشاعره وأحاسيسه. ويقع هذا الاختلاف باختلاف أنماط الشخصية وما تخفيه في طياتها من رواسب قيمة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.
ويرى أنه قد يكون هدف البعض من هذه الاتصالات عبر الانترنت ليس البحث عن صداقة فعلية جادة، وإنما التحايل واقتباس شخصيات وهمية أو تبديل النوع من ذكر إلى أنثى أو العكس لمجرد التسلية وإشباع حاجات آنية، ويؤكد أن طبيعة المجتمعات المنغلقة ووسائل الضبط الصارمة التي تسود في هذه المجتمعات متمثلة بأنماط المراقبة الشديدة قد تجعل من الوسائط التكنولوجية كالانترنت والهاتف وسيلة للاتصال، وقد تكون عوامل كامنة في الشخصية الانطوائية غير الصريحة بالتعبير عن نفسها من خلال هذه الوسائط وهذا العامل النفسي له دور رئيسي في انتشار الظاهرة، وقد يكون للتغيرات المجتمعية وانعزالية الأسرة وتقلصها إلى الشكل النووي لم يعد يتيح للشباب فرص اللقاء وتكوين صداقات.
ويقول: من الصعب تحديد شخصية الأفراد من خلال ما يكتبون غالباً لأن الطبيعة البشرية تفصح عن نفسها بالجانب الجميل من الكتابة، وقد يقوم الشخص بانتقاء أفضل ما لديه من الصور الجميلة لعرضها على الطرف الآخر وقد تخالف طبيعة ماهو عليه في واقع الأمر.
ويرى أن الصداقة التي تستمد جذورها من الواقع تكون مبنية على مصداقية أكبر من صداقة الانترنت، لأن الواقع الملاحظ يكشف لنا العديد من الجوانب من خلال عملية الاتصال المباشرة التي يعبر عنها ليس في الكلام أو المحادثة وإنما من خلال المشاعر والأحاسيس والتعاطف والمساندة والتي قد تنعدم في الانترنت، لأن محادثة الانترنت ينتابها الكثير من الغموض وتكون مجردة من الأحاسيس والمشاعر، ويقول إن هناك العديد من التقنيات والإجراءات التي يمكن للمرء أتباعها لحماية وضمان سلامتهم ومن أهم تلك عدم تقديم معلومات خاصة وشخصية بشكل مباشر إلا بعد التحقق من الهوية.
يقول دكتور جواد فطاير أستاذ علم الاجتماع العلاجي واستشاري نفسي اجتماعي إن الانترنت من أحسن وسائل الاتصال مع العالم، ومن أروع إبداعات الإنسان، حيث جعل العالم كله بين أيدينا، ولكن الاستغلال الخطأ لهذا الجهاز هو الذي يجعله خطراً علينا، والصداقة الالكترونية تنشأ بين الشباب الذين لديهم شغف التواصل مع الطرف الآخر ومشاركتهم همومهم وأفراحهم، فمن خلال هذه الصداقة يحاول أن يشبع رغبات كثيرة في نفسه.
ويضيف: قضية التواصل الالكتروني قد تكون جيدة على البعض، وهو جيد من الناحية الاجتماعية حيث يؤدي إلى توسيع دائرة المعارف الشخصية وتبادل الثقافات والأفكار والخبرات، إضافة إلى حرية إبداء الرأي الشخصي دون تردد وبصراحة تامة، وأيضاً له سلبيات أكثر مما نتصور، فمن السهولة على الشخص أن يتقمص شخصية مغايرة لحقيقته كتقمص دور الشخص المثالي الصادق، بالإضافة إلى سهولة تأثر الطرفين ببعضهما وزيادة احتمال الوقوع في العلاقات غير الأخلاقية.
ولتدارك استفحال الأمر ينصح بمعرفة أسباب جري الشباب حول خلق هذه النوعية من الصداقات المجهولة خلف الشاشة الإلكترونية، ووضع بعض المعايير لهم، ويؤكد أن إدمان الشباب على الصداقات الالكترونية له دوافع عديدة فهو إدمان عقلي ونفسي، ومن سيئات الإدمان عزل الشباب عن المحيط الاجتماعي الطبيعي واكتفاؤهم بالمحيط الإلكتروني مما سيترتب عليه مشاكل عديدة وخلل في كيانه الإدراكي والعاطفي، وأيضاً الانطوائية وعدم التفاعل الحقيقي مع المجتمع إضافة إلى الحياة داخل أوهام خاصة وعالم مستقل بينه وبين الصديق المجهول الهوية.
ويوضح أنه توجد بعض الصداقات الإلكترونية التي ربما نعتبرها ناجحة ولكن لا بد أن تكون مبنية على بعض الأسس وأرضية متوازنة ومعرفة التوجهات الأخلاقية لكلا الطرفين وتمازج بين الثقافتين.
مع تحياتي :
عاشقة القمر
الأحد أغسطس 28, 2011 10:26 am من طرف ادهم الريماوي
موضوع: الصداقة عبر النت والواقع 
