color=black][center
]كلحظة لا تقبل مزاحمة لحظة أخرى, كأمنية تحتضر على ضفاف الواقع
كبرودة الشتاء حين يلبسني !
كصمتي, وحدتي, وما تبقّى مني من أشياء لا تصلح للاستعمال..
القادم لن يكُون أكثر سهولة ممّا سبق, فالشتاء يطرُق الأبواب.. ولم يكُن الشتاء يوماً سوى محراب تتعبّد فيه أرواح المشتاقون..
الشتاء لا يُشعرني سوى بالرحيل, لا يحمل معه لي سوى حرمان ووحدة لا تخلُو من شوقٍ يتيم !
الشتاء يأتي ليربّت على كتف وحدتي, يطمئنها بأنّها لن تفنى, وأنّها ستبقى كظلٍّ يحرس بقاياي..
أنا لن أعُود يوماً لأكون كما كُنت, أنا فقدتني في ظرف زمني وقَع بين اليقظة والحلم ولم أعثُر عليّ من جديد !
لن تجدي محاولات من حولي بالتلويح لي لأفيق, أيضاً مباغتتكَ خيالي في كلّ ثانية لا تُثمر إلا عن ابتسامة تعي حجم الحرمان..
أنا مغيّبة عن كلّ شيء منذُ وقتٍ ليس بقصير, وأظنّك تعلم جيّداً كيف هو حُضور الجسد دون الروح !
أيضاً تلك المفاجأة التي نفضتني حتى اختلّ توازني جَعلتني أفهم جيّداً تلك المُضغة التي تسكُنك ..
الاعتراف الذي يدفعه قلبي ويُلجمه صمتي هو أنّ كل ما مضى يُنهكني..
التفاصيل التي استأثرت بها لا تزال تفتك بصبري وتسليمي..
الزوايا التي تتشكّل على هيأتك وتنطق كما تنطق لا تزال تُطاردني كأمرٍ مسلّم لا يقبل مُحاولة الهروب !
أنتَ لا زلت تُزاحم ذاكرتي, بل تستأثر بها وحدك, وهذا أمرٌ يعزّز حُزني ولا يمنحه سوى خيار الدعاء بالصبر..
أن أصبِر على الواقع يعني أن أسلّم كلّ ما تبقّى منّي لهذا الشتاء وأفنَى !
أن أكون امرأة وديعة لا تُقدم على التنبيش في ما مضى يعني أن أمنحني مزيداً من وجَع أضيع فيه !
أن أرضى يعني أن أكثّف صلوات الاستسقاء, علّ الأحلام تُمطر من جديد !
كلّ هذا يُثمر عن نتيجة واحدة، أنّي لستُ أنا ولن أكُون !!
لا ضرَر في ذلك, أؤمن بأنّ الدُنيا ما إن تُهدينا غفوة سعادة إلا وتعقبها بصَحوة حُزن لا يبقي ولا يذر !
أنا الآن أدفع ثمن الحُلم, اللحظات الجميلة التي لن تعُود, الضحكات البريئة التي تتراقص على مسمعي ومسمعك, الهمسات الدافئة التي حفظت حرارتنا من برودة العاطفة, المُشاغبات التي أشعلت عشقنا, الآمال التي بنيناها على أرضٍ قويّة توهّمتُ أنّها أجلَد من أي هزّة ..
أنا الآن أمارس طقوس حُزني على الماضي بروحٍ يتيمة فقدت مغذّيها ففقدت نفسها..
أشكّل كلّ الوجوه كأنت, أصنع كلّ الأصوات كأنت, وأرسمك في كلّ ما أرى دون وعي..
أمشّط الطُرق وأنا استحضر الخيال الذي أخبرَنا بأنّنا سنجوب هذه الطُرق سويّة..
أغنّي وحيدة, أسهر وحيدة, أكتب وحيدة, وأفعلُ كلّ شيء وحيدة..
أنام بلا حُلم, وأصحُو بلا دافع, وكلّ ما أفعله لا يتعدّى كونه روتين لا يعنيني..
أنا الآن أعيش وكأنّ كلّ شيء أمرٌ لا يخصّني !
أمارس ما يفعله الطبيعيّون من البشر فقط لأنّ العادة تجري على ممارسة كلّ تلك الأمور, ولم أصَب بحمّى شكوى او اكتفاء وذلك لأنّ مناعة التسليم فيني نشيطة "جدّاً" ..
أظنّ أنّني طبيعيّة وإن كنتُ متوقّفة عند نقطة ما, فتلك النقطة أظنّ بأنّها قدَري وعليّ الرضا به..
أظنّ أيضاً أنّني أتصالح مع ما أنا عليه ومحاولة التغيير أو التقدّم خطوة لا تمتّ لي بصلة..
ورغم أن حالي سيء وكلّ ما أنا عليه من تعثّر بذكريات واشتياق فهو نذير شؤم إلاّ أنّني أهوّن علي بكذبةٍ تقول أنّني بخير ![/center][/color]